سابقة منشورة بمجلة 1973
سابقة منشورة بمجلة 1973
المحكمة العليا
القضاة
صاحب السعادة السيد/ خلف الله الرشيد رئيس المحكمة العليا رئيساً
سعادة السيد/ هنري رياض سكلا قاضي المحكمة العليا عضواً
سعادة السيد/ الصادق عبدالله قاضي المحكمة العليا بالإنابة عضواً
الشركة السودانية المحدودة لتأمين العرباتالطاعن
ضد
أزهري أحمد المصطفى وآخرالمطعون ضده
م ع / ط م / 482/73
المبادئ
قانون الإثبات-حجية السلوك أو المنع (stopple) منشؤه القانون العام و لكن يمكن الأخذ به وفقاً للقانون المدني لسنة 1971
قانون الإثبات في المواد المدنية لسنة 1972- عدم إرتباط القضية المدنية بالحكم الجنائي المادة 70
القانون المدني لسنة 1971- وجوب مطالبة المؤمن له ودياً أو قضائياً قبل رفع الدعوى-المادة 637
التعويض- الأسس التي تعتمد عليها المحكمة عند تقدير التعويض- المادة 59 من قانون حركة المرور سنة 1962
-1-
المسئولية الناشئة عن عقد التأمين لا تنتهي بسبب إنتقال ملكية العين المؤمنة إلي شخص آخر غير المؤمن له الذي حررت بوليصة التأمين باسمه
-2-
المادتان 4 و 5 من القانون المدني 1971 تجيزان للمحكمة أن تطبق قواعد العدالة المستقاة من القانون العام و عليه يمكن الأخذ بنظرية المنع (Stopple) إذا كان في ذلك تحقيق لمقضتيات العدالة
-3-
تنص المادة 637 من القانون المدني لسنة 1971 على وجوب مطالبة المؤمن له ودياً أو قضائياً قبل مطالبة المؤمن وفي حالة عدم حدوث ذلك يمكن إثارة الموضوع كدفع قانوني أمام المحكمة المختصة
-4-
لا ترتبط المحكمة المدنية بالحكم الجنائي إلا فيما يتعلق بالوقائع التي كان الفصل فيها ضروياً للفصل في القضية الجنائية وبهذا يجوز للمحكمة المدنية قبول وقائع جديدة لم يكن الفصل فيها ضرورياً للفصل في القضية الجنائية
-5-
يحسب التعويض العام في حالة الوفاة بالأجر الذي كان يقبضه المتوفي مضروباً في عدد السنين التي كان يتوقع أن يعيشها ناقصاً مدة معقولة عبارة عن العوامل التي قد تنقص من عمره وتحسن من ظروف من يعتمدون عليه ويخصم من الناتج مبالغ معقولة عبارة عن مصروفاته الشخصية خلال هذه المدة
المحامون
مجذوب علي حسيبعن الطاعن
عبدالرحمن يوسفعن المطعون ضده
الحكم
16/9/1973
هذا طعن تقدم به الطاعنون الشركة السودانية المحدودة لتأمين العربات ضد حكم قاضي المديرية بتاريخ 17/6/1973 والقاضي بان يدفع الطاعنون وآخر مبلغ 15 هذا طعن تقدم به الطاعنون الشركة السودانية المحدودة لتأمين العربات ضد حكم قاضي المديرية بتاريخ 17/6/1973 والقاضي بان يدفع الطاعنون وآخر مبلغ 1500جنيه عبارة عن تعويض لما لحق المطعون ضدهما من أضرار بسبب وفاة والدهما وكانت المحكمة الجزئية قد فصلت لصالح المطعون ضدهما بتعويض مقداره 500جنيه
وتتلخص وقائع هذه القضية في أن البص نمرة 4314 خ4 قد صدم المرحوم والد المدعين بتاريخ 23/11/64 بشارع الحرية مما أدى إلي وفاته وكان يقود البص المدعى عليه الاول وهو مؤمن لدى الطاعنين (المدعى عليهم الثوالث)
-1-
كان البص الذي تسبب في الحادث مسجل باسم محمد أحمد الجلال (المدعى عليه الثاني) عند وقوع الحادث وكانت بوليصة التأمين قد أستخرجت باسمه وقد أنكر محمد أحمد الجلال المذكور أنه كان مالكاً للبص في ذلك الوقت ولذلك أستبعد من القضية
-2-
لم تعترف الشركة المؤمنة بان محمد أحمد كان مالكاً للبص بل كان إعترفها عن واقعة التأمين من حيث هو تأمين ولكن ثبت أن البص لم يكن مملوكاً لمحمد أحمد الجلال وإنما كان مملوكاً لجهة أخرى وهي نقابة التاكسي وعليه فإنه لم يصدر حكم في مواجهة الشخص المؤمن له لان المحكمة قد شطبت القضية في مواجهته وكان على المحكمة أن تقضي بشطب القضية في مواجهة شركة التأمين (الطاعنين) أيضاً ولم تكن المحكمة محقة في الرجوع إلي نظرية المنع لأنها انتهت بشطب القوانين السابقة
-3-
المادة 637 من القانون المدني الملقي تنص على أن التأمين من المسئولية لا ينتج أثره إلا قام المضرور بمطالبة المؤمن له ودياً أو قضائياً وفي هذه الحالة لم يتقدم المضرور بالمطالبة وعليه تكون المحكمة قد أخطأت بقضائها أن المادة تكفل للمضرور حقاً مباشراً في مطالبة المؤمن بالتعويض ونسيت أن ذلك الحق مشروطاً بالمطالبة
-4-
حوكم المدعى عليه الأول وبرئ من التهمة الجنائية وفي ضوء المادة 70 من قانون الإثبات في المواد المدنية لسنة 1972 الملغي يعتبر مبرأ من الإهمال أن على المحكمة المدنية أن تقبل الوقائع الثابتة أمام المحكمة الجنائية
-5-
قضت محكمة المديرية بزيادة التعويض ولم تأخذ في الحسبان الظروف التي درجت المحاكم على الأخذ بها في تقدير التعويض فمثلاً قالت إن عمر المتوفي كان 58سنة وقدرت توقع حياته إلي60 سنة ومتوسط عمر الإنسان في السودان يجب أن يكون 50سنة ثد قدرت تعويضاً عن الألم لم يطالب به المدعيان
أما رد محامي الطاعنين فيتلخص في الأتي
أولاً: أقرت الشركة "الطاعنون" بان البص كان مملوكاً للمدعى عليه الثاني ولا تستطيع أن تتنصل من ذلك
الإقرار وبما أن الشركة هي المؤمنة فإن شطب المدعى عليه الثاني لا يؤثر في مسئوليتها
ثانياً: المادة 637 تنظم المسئولية بين المؤمن لمواجهة المؤمن لديها ولا شأن لها بالمسئولية ما بين المؤمن
والمضرور ولأنها كفلت للمضرور أن يطالب بالتعويض مباشرة من المؤمن وهو حق كفله قانون حركة المرور وبدون شروط وقد إستثنى القانون ذلك الحق الخاص بموجب المادة 618
ثالثاً: إن محكمة الموضوع ليست ملزمة باللأخذ بحكم محكمة الجنايات وفقاً لنص المادة 70 من قانون الإثبات في المواد المدنية لسنة 1972 لأن المادة تنص على ألا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها ذلك الحكم وكان الفصل ضرورياً وليس بالضرورة أن تكون تلك الوقائع هي نفس الوقائع التي وردت أمام القاضي المدني
رابعاً: يطالب بزيادة التعويض لأن المتوفي كان في الخمسينات و أن دخله كان حوالي ستين جنيهاً في الشهر ولا ينظر إلي عمر المطعون ضدهما أو حالتهما الإجتماعية بل العبرة بموت عائلهما
وبالإطلاع على كافة الأوراق نجد أنه لا المحكمة الجزئية ولا محكمة المديرية قد أخطأتا في حكميهما في مواجهة الطاعنين (المدعى عليهم الثوالث) رغم شطب المدعى عليه الثاني محمد أحمد الجلال من القضية وقد أصابت محكمة المديرية في قضائها حيث أسسته على نظرية المنع لأن الطاعنين قد أقروا أمام المحكمة الجزئية بأن المدعى عليه الثاني كان مالكاً للبص و أنهم قد استخرجوا بوليصة التأمين باسمه والعبرة في هذه الحالة بالتأمين ما دامت الشركة قد أقرت بأنها قد أمنت على البص الذي تسبب في الحادث ضد الحوادث أو المخاطر التي تحيق بالطرف الثالث ولا وجه لما تقدم به محامي الطاعنين من أن التمسك بهذه النظرية خاطئ لأنها قد ألغيت بالغاء القوانين التي كانت سارية قبل صدور القانون المدني لسنة 1971 وذلك لأن المادة 4 من القانون المدني المشار إليه والمادة 5 من قانون المرافعات المدنية لم تغلقا الباب أمام تطبيق قواعد العدالة وهو نفس الباب الذي أدلخت به نظرية المنع بادئ ذي بدء والإقرار حجة على المقر تعارفت عليه الشرائع ولذلك يمنع المقر عن العدول عنه إذ أن العدول عنه قد يترتب عليه تفويت فرصة على الدائن كان يمكنه أن يفيد منها لذا لا نجد وجهاً للطعن بالنقطتين الاولى والثانية
ويطعن محامي الطاعنين بالنقطة الثالثة بأن المادة 637 من القانون المدني الملغي تنص على أن التأمين من المسئولية لا ينتج أثره إلا إذا قام المضرور بمطالبة المؤمن له ودياً أو قضائياً وفي هذه الحالة لم يتقدم المضرور بالمطالبة وعليه تكون المحكمة قد أخطأت بقضائها بان المادة تكفل حقاً مباشراً للمضرور في مطالبة المؤمن بالتعويض ونسيت أن ذلك مشروط بالمطالبة وهذا النعي غير مقبول إذ أنه و إن كان صحيحاً أن هناك شرطاً يقضي بالمطالبة ودياً أو قضائياً حسب أحكام المادة 637 وحسب أحكام المادة 59 من قانون حركة المرور لسنة 1962 إلا أن هذا الدفع لم يثر أمام محكمة الموضوع وليس هذا مكانه ولا يصح أن ينهض أساساً لإلغاء الحكم وعليه نرى رفضه
وينعى الطاعن على الحكم بالنقطة الرابعة أنه تجاهل ما ثبت أمام المحكمة الجنائية من أن المتهم الأول قد برئ من تهمة القيادة بإهمال وإذا لم يثبت الإهمال فلا يصح أن يرجع على شركة التأمين بالتعويض عن فعل لم يثبت خطأه وهذا النعى مردود عليه في ضوء نص المادة 70 من قانون الإثبات في المواد المدنية لسنة 1972 التي إعتمد عليها الطاعن نفسه
يقرأ النص كالأتي: "لا يرتطب القاضي المدني بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها ذلك الحكم وكان فصله فيها ضروياً فالقاعدة إذن ألا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجنائي ولكن يستثنى من ذلك إرتباطه بالوقائع التي فصل فيها وكان الفصل في تلك الوقائع ضرورياً بمعنى أن الوقائع التي وردت أمام المحكمة لإثبات واقعة معينة لا يمكن العدول عنها أمام محكمة أخرى لإثبات أو نفي نفس الواقعة لأنها تحوز حجية الأمر المقضي به التي وردت أمام المحكمة المدنية أو أن الحكم الجنائئ لم يكن فصله في تلك الوقائع ضرورياً فلا إرتباط بالحكم الجنائي
ويبدو من المحضر أن الشهود الذين وردوا أمام المحكمة المدنية لم يدلوا كلهم بأقوالهم أمام المحكمة الجنائية وأيد ذلك أن الوقائع الثابتة أمام المحكمة المدنية تختلف عنها أمام الجنائية ولو قدر لكل الصورة أن تتكامل أمام المحكمة الجنائية لأختلف الموقف
ويأخذ الطاعن على الحكم بالنقطة الخامسة قضاءه بزيادة التعويض و أنه لم يأخذ في الحسبان الظروف التي درجت المحاكم على الأخذ بها فمثلاً قالت المحكمة إن عمر المتوفي 58سنة وقدرت توقع حياته إلي 60 سنة و لكن متوسط عمر الإنسان في السودان لا يجب أن يزيد عن 50 سنة ثم قدر تعويضاً عن الألام لم يطالب به المدعيان
وهذا النعى في محله فالثابت أنه لا محكمة الموضوع ولا محكمة المديرية قد أتبعت الأسس التي ينبنى عليها حساب التعويض كما أن محكمة الموضوع لم تنر لنا الطريق في تحديد عمر المتوفي وكانت في موضع أفضل من محكمة المديرية في اعتمادها لأقوال الشهود حيث أن الشهود مثلوا أمام محكمة الموضوع ويمكنها تفضيل أقوال أيهم بيد أن محكمة المديرية لم تجاف الواقع في اعتمادها على أقوال الشاهد الحوري أحمد جاموس من أن عمر المرحوم كان حوالي 58 عاماً إذن هناك بينة مقبولة ترجح أن عمر المتوفي كان 58 عاماً وهذا ما نرى اعتماده
يبقى بعد ذلك معيار تقدير التعويض هناك سوابق كثيرة في المضمار ونرى أن قضية شركة مصر للتأمين ضد بخيتة وداعة الله و آخرين (1967)- المجلة القضائية ص(8) تشكل سابقة مماثلة فقد قبلت محكمة الاستئناف السابقة قضاء اللورد رايت في قضية ديفي وآخر ضد شركة باول دفرن للفحم 1942A C60 حيث وضع القاضي المعايير الأتية
أولاً: تتحقق المحكمة من الأجر الذي كان يتقاضاه المتوفي
ثانياً: تقدر المحكمة مبلغاً يكفي لمتطلبات المتوفي الشخصية
ثالثاً: يضرب حاصل ذلك في عدد السنين تسمى العدد المضروب
عدد السنين المذكور يشكل المدة التي يتوقع أن يعيشها المتوفي ويكسب فيها مع خصم مدة عبارة عن العوامل التي تقلل من عمر الإنسان أو تحسن من ظروف الأشخاص المعتمدين على المتوفي كزواج الارملة مثلاً
ثم أن المحكمة في القضية المشار إليها اعتمدت الخامسة والخمسين كحد أدنى للعمر الذي يكسب فيه المرء في السودان ولم يكن هذا إعتباطاً لأن قانون المعاشات قد درج على ذلك وهذا امر بنى على إعتبارات معقولة بنيت على المتوسط وليس هناك سبب يجعلنا نحيد عنه
فإذا طبقنا هذه المعايير المتقدمة على القضية الماثلة نجد أن المرحوم لم يكن له دخل ثابت وأن محكمة الموضوع قد أطمأنت إلي ذلك ولكن تجاوزته محكمة المديرية بقبولها ادعاء المدعين بان المرحوم كان له دخل شهري ثابت يقدر بستين جنيهاً ثم إن خلافاً كبيراً حول طبيعة عمله فبينما يقول الشاهد الطيب حسن مصطفى أن المرحوم كان مقاول يعمل في مقاولات البناء و أن متوسط دخله من ذلك كان حوالي الستين جنيهاً نجد أن الشاهد عثمان المشلي وهو ابن خالته يقول أنه كان يعمل كاتباً تجارياً (كذا) في المحكمة الشرعية و أنه لا يتأكد من مقدار دخله فالخلاف حول طبيعة عمله عامل مهم في تقدير الدخل
عليه وفي مثل هذه الظروف لا نجد مجالاً لتطبيق المعاير التي سنتها محكمة الاستئناف وسار عليها العمل في المحاكم ورغم ان التعويض الذي قدره قاضي الموضوع لم يبن على أساس دقيق فإننا نرى الأخذ به في حين أننا نرى أن يعطى المدعيان تعويضاً مناسباً ونرى أن المبلغ الذي قدرته المحكمة الجزئية معقول وفقاً لذلك نصدر الأوامر الأتية:
-1-
يلغى حكم محكمة المديرية فيما يختص بتقدير التعويض ويعاد حكم المحكمة الجزئئية
-2-
ترد الكفالة