سابقة منشورة بمجلة 1973
سابقة منشورة بمجلة 1973
المحكمة العليا)
القضاة
صاحب السعادة السيد خلف الله الرشيد رئيس المحكمة العليا رئيسا
سعادة السيد هنرى رياض سكلا قاضي المحكمة العليا عضوا
سعادة السيد الصادق عد الله قاضي المحكمة العليا بالانابة عضوا
بابكر ادم عمر الطاعن
شريف ادريس شريف المطعون ضده
م ع/ ط م/ 388/73
المبادئ
قانون تقييد الايجارات – دع الاجرة بعد رفع الدعوى – لا سلطة للمحكمة في مناقشة معقولية الامر بالاخلاء
(1)
استقر القضاء في السودان على عدم الاخذ بما ورد في السوابق التي كانت ترى أن المحاكم ليس عليها الزام في اصدار امر الاخلاء عند الفشل في دفع الاجرة دون نظر لظروف المستأجر واسباب تخلفه في دفع الاجره
(2)
من واجب المحكمة منح امر الاخلاء متى ما طلب وكان هناك فشلا في دفع الاجرة الا اذا كان ذلك الامر معقولاً في كل الظروف
ملحوظة المحرر
أنظر قضية حافظ احمد اللبودي ضد فاطمة حاج حسن وآخرين (1973) مجلة الاحكام القضائية ص (224) وملحوظة المحرر في تلك القضية
المحامون
مصطفى محمد ابو العلا عن الطاعن
الحكم
5/9/1973
تقدم الطاعن (المدعى عليه) بهذا الطعن طالباً الغاء حكم المحكمة الكلية الصادر بتاريخ 24ر3ر1973 والذي أيد حكم المحكمة الجزئية القاضي باخلاء الطاعن القطعة رقم 8 مربع القوز – الخرطوم بموجب المادة 11 (أ) من قانون تقييد الايجارات
تتلخص وقائع هذا النزاع في أن الطاعن وهو المستأجر للمنزل المذكور اعلاه لم يدفع اجرة شهر نوفمبر سنة 1972 للمطعون ضده (المدعى) وهو مالك العين المؤجرة المذكورة رفع المطعون ضده دعوى الاخلاء امام المحكمة الجزئية واسس دعواه على أن الطاعن (المدعى عليه) فشل في دفع اجرة نوفمبر في الميعاد المحدد وقد دفعت الاجرة المذكورة بعد رفع الدعوى باسبوعين استأنف الطاعن حكم المحكمة الجزئية الصادر بتاريخ 19ر2ر1973 لدى قاضي المديرية الذي ايده وفي الحكم الاخير يطعن (المدعى عليه) الطاعن وحاصل الطعن يتلخص فيما يأتي:
اولا: في وزن البينات يقول الطاعن أن المحكمة لم توفق في تقديرها للادلة وبالتالي اخطأت في ترجيحها البينات لصالح المطعون ضده (المدعى) وذلك لما ظهر من تناقض في اقوال شاهده فبينما يقول المطعون ضده أن الطاعن ارسل زوجته بالاجرة يوم 17ر12ر1972 الساعة التاسعة مساء يقول الشاهد انه رأى زوجة الطاعن في نفس يوم 17ر12ر1972 وهي تسلم الاجرة الساعة الحادية عشرة صباحاً وشتان بين التوقيتين
ثانيا : تأخير الايجار الشهري لمدة اربعة عشر يوماً لا يبرر الحكم بالاخلاء حيث أن الطاعن ظل في هذا المنزل لمدة اربعة عشر عاما وكان مواظبا على دفع الاجرة وكان على المحكمة أن تنظر الى كل الظروف المحيطة بالموضوع ولا تتسرع بالحكم بالاخلاء وساق محامي الطاعن سابقة حبيب كوهين ضد الشركة الافريقية التجارية (1966) مجلة الاحكام القضائية ص (68) وظريف صليب ضد ورثة محمد السيد (1966) مجلة الاحكام القضائية ص (13) وورثة نور الدائم محمود ضد الحاج محمد صلاح الدين (1962) مجلة الاحكام القضائية ص (89) ولم يرد المطعون ضده رغم اعلانه
بالاطلاع على الاوراق يتضح أن المحكمة الجزئية قد بنت حكمها على اقرار الطاعن ومجموع الشهادة التي رجحتها المحكمة في صالح المطعون ضده وقد ايدت محكمة المديرية قرار المحكمة الجزئية بناء على أن الطاعن دفع الاجرة بعد اربعة عشرة يوما من تاريخ رفع الدعوى وقد ردت على دفع الطاعن الذي استند على نفس السوابق التي ذكرها في طلب الطعن واستنبط منها أن على المحكمة الا تحكم بالاخلاء اذا كان غير معقول بالنسبة الى ظروف القضية ردت محكمة المديرية على ذلك الدفع بان مبدأ عدم المعقولية لم تأخذ به المحاكم السودانية لان قانون تقييد الايجارات لسنة 1953 لم يشتمل على نص مثل هذا وان المحاكم الانجليزية طبقت النص التشريعي الانجليزي
وحيث أن المحكمة الجزئية قد بنت عقيدتها على ما ثبت لديها من أدلة سائقة ومقبولة وبما أن الطاعن نفسه قد اقر امام المحكمة بانه دفع الاجرة بعد رفع الدعوى في يوم 25ر12ر1972 فان محاولته الان الطعن في الادلة لا تعدو أن تكون محاولة بالطعن في الموضوع وهذه المحكمة لا تتدخل فيما ثبت لمحكمة الموضوع من ادلة ما دامت المحكمة لم تعتمد او لم تستنبط واقعة ليس لها اساس فالثابت أن الطاعن قد دفع يوم 25ر12ر1972 اي بعد رفع الدعوى في مواجهته باسبوعين تقريباً ومما يؤسف له أن محامي الطاعن لم يكن دقيقاً في سرده للوقائع فهو يقول أن المطعون ضده (المدعى) وشاهده احمد بابكر (ش ادعاء 1) قد تناقضا بحيث قال الاول في شهادته أن زوجة الطاعن جاءت له يوم 17ر12ر1972 الساعة التاسعة مساء وأن الثاني يقول أنها جاءت له يوم 17/12/1972 الساعة الحادية عشر صباحاً والثابت أنه لا التاريخ ولا الوقت بصحيح أولاً أتفق الأطراف والشاهد أن زوجة الطاعن دفعت الأجرة يوم 25/12/1972 وأن احدا لم يذكر عما اذا كان الوقت مساء او صباحا ومما يبدو من المحضر أن الخلاف في ساعتين او ثلاثة في نفس النهار فبينما يقول المطعون ضده (المدعى) أن زوجة الطاعن (المدعى عليه) جاءت له حوالى الساعة الثامنة والنصف او الساعة التاسعة صباحا يقول شاهده انها جاءت حوالى الساعة الثانية عشرة او الساعة الواحدة والنصف ولم يذكر إن كان ذلك نهارا ام ليلا ولكن يتضح من السياق أن ذلك كان نهارا وليست العبرة باختلاف تقدير الزمن لان الرجل العادي السوداني في الغالب الاعم لا يقدر الزمن بدقة ولكن العبرة بالتاريخ الذي لم يختلف عليه احد
عليه لا نرى وجها للطعن بالسبب الاول لان ترجيح البينات في صالح المطعون ضده (المدعى) دون مراء ولم تخطئ المحكمة في التوصل الى تلك النتيجة
اما بالنسبة للسبب الثاني الذي ساقه الطاعن بأن على المحكمة أن لا تصدر امرا بالاخلاء الا اذا كان الاخلاء معقولا في كل الظروف فهذا النعي مردود عليه بان محاكم السودان لا ترى هذا الرأى وان السوابق التي اشار اليها محامي الطاعن قد عدل عنها في اكثر من قضية
ولعل المبدأ الذي ارسته محكمة الاستئناف أن مجرد تأخير الاجرة يكون سببا في الاخلاء وقد ظهر من قضية محمد خير حمد ضد عوض القاضي (1960) مجلة الاحكام القضائية ص (107) جاء في ذلك الحكم انه اذا كانت الاجرة تدفع مقدما في اول كل شهر بمقتضى عقد الايجار فان دفعها في مواعيد متأخرة عن ذلك الميعاد يكون اخلالا بالعقد ويحق للمالك أن يطلب بناء عليه استرداد الحيازة وفقاً للمادة 11 (أ) من قانون تقييد الايجارات ولا يدحض ذلك الحق عرض المستأجر للاجرة قبل رفع الدعوى طالما أن ذلك العرض تم في موعد لاحق لميعاد الاستحقاق ورغم أن العلاقة بين الطرفين في هذه القضية لا يحكمها عقد ايجار مكتوب وبالتالي لا يوجد نص يدفع المستأجر بمقتضاه الاجرة في ميعاد معين إلا أن الثابت من الأدلة أن العادة قد جرت على أن يدفع المستأجر الأجرة في ميعاد معين لا يجاوز الثالث من اول كل شهر وهذا يرقى الى درجة شرط ضمني تعارف عليه الطرفان والاخلال به يعتبر اخلالاً بالعقد غير المكتوب
وفي قضية احمد رمضان ضد دينا كوستا (1969) مجلة الاحكام القضائية ص (123) ورد أن القانون الانجليزي ينص على الا يكون الاخلاء آليا ولكن يجب أن يكون أمر الإخلاء معقولاً في ظروف القضية ولكن قانون تقييد الإيجارات السوداني لا يشتمل على نص كهذا فكيف يتسنى لنا اذا قبول تشريع اجنبي لنعدل به نص تشريع سوداني ؟ أن المادة 11 من تشريعنا واضحة في أن على المحكمة أن تصدر امرا بالحيازة اذا توافر اي شرط من شروط تلك المادة وبالاخص اذا لم تدفع الاجرة في ميعادها عند رفع الدعوى
وقد طبق الحكم المشار اليه في قضية عبد الرحمن احمد عبد الرحمن ضد حمزة يس حمزة (1969) مجلة الاحكام القضائية ص (56) من هذه الاحكام يتضح أن نفس الحرص الذي املى على المحاكم تطبيق النصوص التي تكفل الحماية للمستأجر لابد وان يحتم على المحاكم ضرورة الالتزام بالنصوص التي تحمي المؤجر في حالة الاخلال بالشروط الواردة في المادة 11 أو أي منها وبالتالي يمكن ايجاد التوازن المطلوب بين حقوق المستأجر وحق المؤجر الذ لا يكون في موضع استغلال
لهذه الاسباب نرى شطب الطعن بالرسوم ومصادرة نصف الكفالة