سابقة منشورة بمجلة 1973
سابقة منشورة بمجلة 1973
محكمة الاستئناف
سيادة السيد فاروق أحمد إبراهيم قاضي محكمة الاستئناف رئيساً
سيادة السيد محمد محمد الحسن شقاق قاضي محكمة الاستئناف عضواَ
سيادة السيد الأمين محمد الأمين تاتاي قاضي محكمة الاستئناف عضواَ
سيد خوجلي محمد المستأنف
ضد
شركة التأمينات العامة المستأنف ضدها
م أ/أ س م/28/73
المبادئ
قانون التأمين – عبء إثبات حدوث الخطر والخسارة يقع على المؤمن له – عبء إثبات استثناء الخطر يقع على المؤمن
قانون الإثبات – اضطراب الشاهد ليس سبباً لاستبعاد شهادته إن لم تكن متناقضة – البينة المقدمة على سبيل الاستنتاج ليست بينة قطعية
(1)
في حالة تقديم المؤمن له لقضية مبدئية تثبت أن الخسارة التي لحقت بالبضاعة المؤمنة كانت نتيجة للخطر المؤمن ضده فإن عبء الإثبات يتحول للمؤمن ليثبت بينة قطعية أن أسباب الخسارة كانت من ضمن الأسباب التي استثناها عقد التأمين
(2)
لا يجوز للمحكمة استبعاد شهادة شاهد بسبب اضطراب شهادته فقط ما لم يثبت لها أن شهادته متناقضة أيضاً
(3)
البينة التي تقدم على سبيل الاستنتاج ليست بينة قطعية
المحامون
التجاني عمر الكارب عن المستأنف
أدهم وأبو الريش عن المستأنف ضده
الحكم
7/6/1973
القاضي فاروق أحمد إبراهيم
وقائع الدعوى موضوع هذا النزاع هي كما وردت بإسهاب في حكم المحكمة الكلية الصادر بشطب دعوى المستأنف وهي تتلخص في أن المستأنف أمن لدى المستأنف عليه بضاعته وأثاثاته الكائنة بدكانه رقم 9و10 بسوق الخرطوم بحري الجديد والبالغ قيمتها 20579410 مليمجنيه بمبلغ 22 ألف جنيه , مدة التأمين تسري لعام ابتداء من 1/1/1971 إلي 31/12/1971
حسب بوليصة التأمين تم وصف البضاعة المؤمنة بأنها "بقالة وخردوات" في 9/7/1971 شب حريق بدكان المستأنف وأتت النيران على البضائع الموجودة بداخله تم إخطار المستأنف عليه بالحريق في اليوم التالي لنشوبه
اعترف المستأنف عليه بواقعة التأمين وكذلك بنشوب الحريق ولكنه أنكر مسئوليته عن تعويض المستأنف استناداً على الأسس التالي
(1)
أن المستأنف لم يقرر وقت إبرام العقد كل الظروف المعلومة له والتي تمكن المستأنف عليه من تقدير المخاطر التي يأخذها على عاتقه , وفي معرض إثبات لذلك يقول بأنه اتضح فيما بعد أن البضاعة المشار إليها في العقد كبقالة وخردوات كانت في الحقيقة "تجارة عمومية"
(2)
شب حريق بواسطة ملتهبات وأشياء متفجرة وهي مستثناة بنصوص عقد التأمين
(3)
البضائع المحترقة كانت ملكاً للغير وهي بذلك مستثناة بنصوص العقد
(4)
تقدم المستأنف بمطالبة يشوبها الغش مما يعتبر عملاً مصادراً لحقوقه تحت العقد
واحتياطياً دفع المستأنف عليه بأن مسئوليته تنحصر في الخسارة الفعلية فقط ولا تشمل قيمة التأمين
صاغت محكمة الموضوع نقاط النزاع وهي تتلخص في الآتي
-1-
هل قضى الحريق قضاء تاماً على كل البضائع بالدكان المذكور وقيمتها 20579410 مليمجنيه ؟ المدعي
-2-
هل الحريق المذكور مغطى ببوليصة التأمين ؟ المدعي
-3-
هل المدعى عليهم غير ملزمين بالوفاء للأسباب الأربعة المذكورة أعلاه ؟ المدعى عليهم
استمعت المحكمة إلي ستة من شهود الادعاء بالإضافة إلى شاهدي دفاع ثم تقدم محامياً للطرفين بمرافعتيهما الختاميتين وأصدرت المحكمة حكمها بشطب الدعوى ومن ثم تقدم المستأنف باستئنافه هذا
اعتمدت المحكمة في حكمها بشطب الدعوى على أن المستأنف قد فشل في إثبات أن الحريق كان بسبب غير مستثنى في عقد التأمين واستندت في حكمها على البيانات التي قدمها أمامها شاهدا الدفاع الأول والثاني وقد قدم الأول خطاباً قام بتحريره (مستند الدفاع) استبعد في محتوياته أن يكون سبب الحريق هو التماس كهربائي كما قدم الشاهد الثاني تقرير المطافي (مستند دفاع 2) وهو يشير إلي أن الحريق كان يسبب ملتهبات بدليل السرعة التي انتشر بها وبرغم أن المحكمة قد قررت بأن تلك الشهادات هي مجرد استنتاجات ولا ترقى إلى مرتبة البينة القاطعة فقد استبعدت شهادة شاهد الادعاء الثالث الذي أفاد بأنه شاهد الشرر الكهربائي يتطاير أمام دكان المستأنف ووصفت تلك الشهادة بالاضطراب
وفي البداية أود أن أقرر بأن محكمة الموضوع قد أخطأت في تطبيقها لكل من الوقائع والقانون فباستثناء ما ورد صراحة تحت البند السادس من عقد التأمين والذي يلقى بعبء الإثبات على عاتق المؤمن له لا يوجد في الشرطين الخامس والسابع ما يشير إلى ذلك وعليه فإن المحكمة تحتكم في هذه الحالة إلى القواعد العامة التي تحكم عقود التأمين ضد الحريق لتقرر أين يقع عبء الإثبات يقول Mac Gillivery في كتابه (قانون التأمين الطبعة الخامسة صفحة 852 ما يلي:
The generally recognized rule in an English court for determining the burden of proof in the case of an alleged exception is that if the assured prove, or if it be admitted, that the loss was caused by the general risk against, e,g fire, the burden of proof lies upon the insured to show that, although the loss was caused by fire, the fire was of such nature as, for instance, that it was a fire caused by earthquake or by incendiarism
والواضح أن المستأنف عليه قد اعترف بواقعة الحريق وبالتالي فإن عبء إثبات مسئوليته عن الخسائر الناجمة عنه يقع على عاتقه
لقد بنت محكمة الموضوع حكمها أساساً على نقطة لم تكن موضع نزاع بين الطرفين بعد أن استبعدتها من نقاط النزاع بناء على طلب محامي المستأنف , فقد صيغت نقطة النزاع الثانية في بادئ الأمر على الوجه التالي
ما هو سبب الحريق وهل هو مغطى ببوليصة التأمين ؟ ثم عادت المحكمة وعدلت صياغة النقطة أعلاه باستبعاد الجزء الأول منها لتصبح كالآتي :
هل الحريق المذكور مغطى ببوليصة التأمين ؟ والواضح أنه بتعديل نقطة النزاع الثانية أصبح من واجب المستأنف إثبات واقعة الحريق فقط ولا إلزام عليه بإثبات السبب المؤدى له ومن ناحية أخرى واستناداً إلى القاعدة القانونية التي أشرت إليها فإنه طالما اعترف المستأنف عليه بواقعة الحريق فإن إثبات عدم مسئوليته عن الخسارة يقع عل عاتقه يقول MAC GILLIVERY في مؤلفه سابق الذكر صفحة 854 ما يلي :
"The onus in on the insured to prove that the loss was accidental in the sense that it was occasioned by the intervention of something fortuitous which could be called a casualty within the meaning of an insurance contract, but he is not bound to go further and prove the exact nature of the accident or casualty which in fact occasioned his loss, and if the insurers' case is that it was caused by an excepted peril the onus is on him to prove it"
ويؤيده في ذلك الرأي OLINAUX and PRESTON في كتابيهما (قانون التأمين) الطبعة الثانية صفحة 314 حيث يقولا
"The Origin of fire is immaterial, unless that origin is a peril excepted by the policy If the loss happens by fire, unless there is fraud on the part of the assured, it matters not apart from the special conditions in the policy, how the flame is kindled, whether it by the result of accident or design, whether the torch be applied by the honest magistrate or the wicked incendiary"
برغم ذلك توصلت المحكمة في حيثياتها إلى أن المستأنف لم يستطع أن يقطع بسبب واضح للحريق كما أنه في الوقت الذي فشل فيه في إثبات حدوث التماس كهربائي لم يترق إلى أي احتمال آخر ويتضح من ذلك أن المحكمة قد ألقت على المستأنف عبء إثبات واقعة السببية بعد أن تم استبعادها من محضر النزاع
لا شك أنه كان على عاتق المستأنف ضد عبء إثبات أن الحريق قد سب بسبب مستثنى من بوليصة التأمين وقدم من البينات في ذلك الصدد ما يثبت أن ذلك قد شب بواسطة مواد ملتهبة ومتفجرة وهي مستثناة بنص الشرطين الخامس والسابع من بوليصة التأمين وبغض النظر عن التعارض الواضح بين محتويات التقرير الذي أعده شاهد الدفاع الأول فإن ما جاء فيه يتعارض أيضاً مع أقواله أمام المحكمة فالتقرير يشير تارة إلى صعوبة تحديد ما إذا كان الحريق ناجماً عن التماس كهربائي وتارة أخرى إلى عدم وجود احتمال لحدوث الحريق نتيجة التماس كهربائي خارج الدكان ويقول التقرير في جزء منه بأن مفتاح التأمين بالمحل كان بحالة جيدة مما يقود للاستنتاج بعدم حدوث التماس ثم يعود فيقول بأن المفتاح ذو حجم كبير ولا يناسب حمولة المحل وهذا يعني أنه لو حدث التماس كهربائي فهو لا يؤثر على ذلك المفتاح الذي يفترض فيه أن يكون أضعف نقطة في التوصيلات الداخلية حتى يحترق ويفصل التيار عند حدوث الالتماس بالإضافة إلى ذلك فقد ذكر الشاهد أمام المحكمة بأنه لا يستطيع حديد سبب الحريق بصفة قاطعة وهذا يجعل حدوث الالتماس الكهربائي احتمالاً وارداً
أما شهادة شاهد الدفاع الثاني فقد بنيت على مجرد استنتاج وهذا ما أشارت إليه المحكمة في حيثياتها والشاهد يقول بأنه لم يجد أي مواد ملتهبة بالدكان ويؤكد ذلك عند إعادة استجوابه وهو فقط يعتمد في استنتاجه على السرعة المذهلة التي انتشر بها الحريق
إن هذه البينات بما يعتورها من تضارب وغموض تلقى ظلالاً من الشك على السبب الحقيقي لنشوب الحريق وبالتالي أرى أن المستأنف عليه قد فشل في أن يزيح عن كاهله عبء إثبات ما ادعاه
يقول IVAMY في كتابه (المبادئ العامة للتأمين) صفحة 345 ما يلي :
“Where the result of the evidence is to leave the cause of the fire in doubt, the insurers have not discharged the onus of proof and the assured therefore will assure”
ومن جانب المستأنف فإنني لا اتفق مع المحكمة في ترجيحها لبينة الدفاع على بينة مباشرة أدلى بها شاهد الإدعاء السادس إن اضطراب ذلك الشاهد لا يستوجب بالضرورة رفض شهادته ما لم يثبت للمحكمة أنها تتعارض في أجزائها وقد يكون اضطراب الشاهد لأسباب لا تمت إلي جوهر البينة التي يدلي بها أمام المحكمة وبما أنه لا يوجد تناقض في شهادة ذلك الشاهد فإنني أرى أن رفض المحكمة لشهادته وترجيح شهادة الدفاع عليها رغم ما شابها من تعارض وغموض كان مخالفاً لمبدأ تقييم البينات
أخلص من هذا إلى أن المستأنف عليه قد فشل في إثبات أن الحريق شب بواسطة أشياء مستثناة بموجب عقد التأمين ولكن هذا لا يعني تلقائياً الحكم للمستأنف بما طالب به إذ أن هنالك دفوع جوهرية أخرى أثارها المستأنف عليه ولم تتعرض لها المحكمة بعد أن حصرت نفسها في مناقشة نقطة النزاع الثانية فقط
لقد أثار المستأنف عليه ثلاثة دفوع أخرى في مواجهة الدعوى وهي ما تضمنته الفقرات (أ) و (د) و (هـ) من نقطة النزاع الثالثة , وذلك بالإضافة إلى الدفع الاحتياطي والمتعلق بمقدار التعويض
بالنسبة للدفع الأول على المحكمة أن تستمع إلى بينات إضافية حول ما إذا كان وكيل المستأنف عليه قد أعد الـProposal Form بناءاً على إقرارات من المستأنف أو أنه أعدها من تلقاء نفسه والأسس التي استند عليها في وصفه للبضاعة بأنها بقالة وخردوات وبحسب خبرته في مجال التأمين فهل هنالك فرق بين ما وصف في العقد وما كان موجوداً بالمحل وكذلك قيمة التأمين الواجب دفعها في كل من الحالتين
بالنسبة للدفع الثاني والثالث على المحكمة أن تفحص الوثائق المقدمة بشأن البضائع موضوع الدعوى ولها أن تستمع إلى بينات في ذلك الشأن إن كان لك ضرورياً
هذا يستوجب إلغاء حكم محكمة الموضوع وإعادة الدعوى لاستكمال السماع
أمـــر
(1)
يلغى حكم محكمة أول درجة الصادر بتاريخ 13/12/1972 وتعاد الإجراءات لاستكمال السماع حسب ما ورد في هذا الحكم
(2)
يتحمل المستأنف عليه رسوم هذا الاستئناف
13/6/1973
القاضي محمد محمد الحسن شقاق
1/7/1973
القاضي الأمين محمد الأمين تاتاي
أوافق