سابقة منشورة بمجلة 1973
سابقة منشورة بمجلة 1973
المحكمة العليا
القضاة
صاحب الفضيلة الشيخ عبد الرحيم حسين الصائغ
قاضي محكمة الاستئناف المنتدب للمحكمة العليا رئيسا
صاحب الفضيلة الشيخ محمد إبراهيم علي
قاضي محكمة الاستئناف المنتدب للمحكمة العليا عضوا
صاحب الفضيلة الشيخ عبد الرازق محمد مختار
قاضي محكمة الاستئناف المنتدب للمحكمة العليا عضوا
قضــية طاعــة
قرار النقض نمرة 33/ 1973
الصادر في يوم الخميس 17 رجب سنة 1393 ه الموافق 16, 8 , 1973
المبادئ
الأحوال الشخصية للمسلمين – المسكن الشرعي- حالة الزواج المادية – المرافق المشتركة –شهادة الجار على نفسه بالصلاح – التحقيق في الادعاءات
(1)
السكن والمنزل يتبع حالة الزوج المادية يسارا وإعسارا فالزوج الفقير يسكن زوجته كأمثاله في بيت من دار وبعض المرافق مشتركة وليس لها أن تطالبه بغير ذلك
(2)
من شرعية المنزل معرفة الجيران وصلاحهم – ولا تصح شرعا ولا تقبل شهادة الشخص على نفسه كان يشهد الجار على نفسه بالجوار والصلاح
(3)
عدم التحقيق في الادعاءات والدفع المنتجة التي يدلي بها الخصوم يعتبر ضعفا في الإجراءات ولا يجوز للمحكمة أن تبني حكمها على شي لم يفسر عنه التحقيق
الوقائـــع
استوفت الإجراءات في القضية أعلاه وهي مقبولة شكلا وفي الموضوع بعد اطلاع على الأوراق فان وقائع النزاع تتلخص فيما يأتي
أصدرت محكمة الخرطوم بحري الجزئية حكمها في القضية نمرة 1294, 72 حضوريا بدخول الطاعنة في طاعته وذلك بمنزله بامتداد الدرجة الثالثة وهو عبارة عن حجرة ومطبخ وبرندة ومرحاض وحمام مشتركين وكل ذلك داخل سور وبه الأمتعة اللازمة بجوار كل من عبد اللطيف عثمان وعباس احمد سعيد هذا وقد سبق أن ادعى قيام الزوجية وإيفاء معجل المهر والأمن وذكر أنه قد اعد لها المنزل الشرعي المكون من حجرة وبرندة ومرحاض وحمام ومطبخ داخل الحوش من اللبن بجوار كل من عبد اللطيف عثمان وعباس الكنزي وبه ألا متعه اللازمة وإيفاء معجل المهر ودفعت بعدم الأمن كما أنكرت شرعية المنزل وقالت أن والدته وأخواته يقيمون به
وكلفت إثبات ما ادعت فعجزت ورغبت عن يمينه وقد أصر المدعى بأن منزله خال من سكن غيره وان به الأمتعة المنزلية اللازمة وكلف البينة فأحصر شاهدين شهد الأول وهو أبو بكر حسن بالأمن وبالمنزل الموصوف بالدعوى وأنه خال من سكن غيره ولم يعترض لأسماء الجيرانوشهد الثاني وهو أحمد سعيد عثمان مطابقة لشاهدة الأول ولم يوضح أسماء الجيران وقد أصدرت المحكمة حكمها الموضح في صدر هذه الوقائع وبنت أسبابه على أنها دفعت بعدم الأمن وعجزت عن البينة وأنكرت شرعية المنزل وقد اثبت المدعى دعواه بالبينة التي شهدت بالأمن وشرعية المنزل
بتاريخ 6, 3, 1973 تقدمت المحكوم ضدها باستئناف الحكم الابتدائي فقيدت لها القضية رقم 13/س 73 في يوم 8, 4 , 73 وسمع الاستئناف الذي جاء فيه بأنها كانت تقيم في منزله الذي ذكره في القضية الابتدائية وقد هددها بالقتل وعلية فأنه غير مأمون عليها كما أن المنزل غير شرعي لسكن والدته وأخوته فيه وأنه قد قامت المشاكل بينها وبينهم وطلبت إلغاء الحكم الابتدائي ورفض دعواه بالطاعة وصادق المستأنف ضده على صدور الحكم الابتدائي لصالحه أنكر ما دفعت به من عدم الأمن وسكن الغير في منزله وادعى أن الحكم الابتدائي قد أسس على أسباب صحيحة أصرت المستأنفة على دعواها فكلفت البينة وعجزت عن إثبات عدم الأمن وطلبت يمينه فحلفها على نفي دعواها وكلف المستأنف البينة على أمنه عليها وشرعية منزله فجاء بشاهدين شهد الأول منهما وهو عبد الطيف عثمان بأمنه عليها ووصف منزله بأنه غرفة وبرندة من منزل والدة بامتداد الدرجة الثالثة وبه مطبخ وحمام ومرحاض وأنه منفصل بسور من بقية المنزل وشهد الثاني وهو محمد عبد الله جبريل شهادة مطابقة لشهادة الأول ولم يتعرض الشاهدان للجيران وأخيرا أصدرت المحكمة قرارها بتأييد الحكم المطعون فيه حضوريا بتاريخ 20, 5 , 73 وبنت أسبابها بان عدم الأمن الذي ادعته لم يثبت وقد طلبت يمينه فحلفها وقد شهدت البينة على دعواه
تقدمت الطاعنة بعريضتها في 17و 6, 1973 تطعن في الحكم عن طريق النقض وتدعى أن الحكم لم يبن على أسباب صحيحة وذلك لان المنزل غير شرعي لأنه غير قائم بذاته ولا ينفصل وتقيم فيه والدته وأخوته وبينها وبينهم مشاكل عديدة كم أن كل من الحمام والمطبخ مشترك وهذا لا يأتي بين أناس بينهم مشاكل وفي جانب ذلك فأن شهود المنزل في المحكمة الابتدائية لم يذكروا أسماء الجيران وبذلك تكون شهادتهم ناقضة وكذلك الحال أمام محكمة الاستئناف هذا وقد جاء في الدعوى أمام المحكمة الابتدائية أن الجيران هم عبد اللطيف عثمان وعباس الكنزى وجاء الحكم بأشخاص آخرين هم احمد سعيد وعباس احمد مضافا إليهما عبد اللطيف عثمان ويظهر من ذلك أن الحكم مخالف للدعوى بالأصافه إلي ذلك فقد قبلت شهادة احمد سعيد على شرعية المنزل مع أنه جاء بالحكم أنه جار كما أن محكمة الاستئناف قد قبلت شهادة عبد اللطيف عثمان علما بأنه جار وكل ذلك طلبت إلغاء الحكم وقد أجاب على هذه المذكرة المطعون ضده بمذكرة أخري وادعى بان الحكم صحيح حيث كانت تقيم في نفس المنزل وان دفعها بعدم شرعيته لا يقوم على أساس فالمنزل منفصل وامثالها يسكنون في مثله لان اشتراك المنافع الذي ذكرته غير صحيح لأنها منفصلة ولا اشتراك فيه أما دعواها بان والدته واخوته يسببون لها مشاكل فيها فغير صحيح أن الشهود لم يذكروا الجيران لأنهم هم أنفسهم الجيران وهم ادري من غيرهم بشرعية المنزل
الأسبــــــــــاب
قدم الطعن في ميعاده القانوني فهو مقبول شكلا وفي الموضوع فان المطعون ضده لم يقل عند سماع دعواه لا ابتدائيا ولا استئنافا أن منزله جزء من دار كما لم يقل أن المنافع مشتركة وكذا الحال في رده على مذكرته أمام هذه المحكمة وقد جاء ذلك على لسان وكيلها ولم يسال عنه في القضية وقد شهد به الشهود أيضا أن هذا بلا شك يعكس ضعف التحقيق في القضية ومع ذلك فأن المنصوص علية شرعا أن المنزل الشرعي يتبع حاله الزوج يسرا وعسرا والزوج هنا عاما ضعيف الحال ومثله يسكن في بيت جزء من دار ومنافعه مشتركة وقد جاء في كتاب ابن عابدين الجزء الثالث صفحه 600 : ( بحيث يكون له بيت في دار له غلق وبعض المرافق مشتركة فليس لها أن تطالبه بغيره ) هذا وان وكيل الزوجة قد أثار في التحقيق بان والدته واخوته يسكنون في الدار وان هناك مشاكل بينها وبينهم وعلية فقد كان على المحكمة أن تبحث في ذلك حتى تتضح الحقيقة وما إذا كان هناك إيذاء لها قد جاء في كتاب ابن عابدين :( ولو أراد أن يسكنها مع ضرتها أو مع حماتها كأمه وأخته فأبت فعليه أن يسكنها في منزل منفرد لان إباءها دليل الأذى) ألا أن الراجح في المذهب أن هذا صحيح بالنسبة لضرتها أما إحماؤها فليس لها أن تطالب بمنزل أخر الأ إذا حصل إيذاء وقد جاء في ابن عابدين ما نصه :(لا يكفى ذلك إذا كان في الدار أحد إحمائها ) وقد دفعت الشاكية بان هناك مشاكل بينها وبينهم ولم تتعرض لها المحكمة وفي ذلك قصور منها
هذا وان بعض الشهود الذين استشهدوا بهم لثبات شرعية منزله قد ثبت أنهم جيران المنزل المذكورين بالدعوى ولا يصح شرعا ولا يقبل شهادة الشخص لنفسه ومع ذلك فأنهم لم يتعرضوا لأسماء الجيران في شهادتهم كما جاء بصيغة الحكم الابتدائي بان المنافع مشتركة وقد ايدتها في ذلك المحكمة الكلية عن طريق الاستئناف ولا تدرى هذه المحكمة من أين لها ذلك الاشتراك الذي لم يفسر عنه التحقيق ومعلوم أن الحكم يأتي نتيجة التحقيق
لهـــــــــذا
قررنا قبول الطعن شكلا وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه واعادة القضية لمحكمة المديرية دائرة الأحوال الشخصية بالخرطوم بحري للسير فيها من جديد على ضوء ما ذكر من الأسباب ورد الكفالة للطاعنة