سابقة منشورة بمجلة 1973
سابقة منشورة بمجلة 1973
المحكمة العليا
القضاة
سعادة السيد دفع الله الرضي قاضي المحكمة العليا رئيساً
سعادة السيد عمر بخيت العوض قاضي المحكمة العليا بالإنابة عضواً
سعادة السيد فاروق أحمد إبراهيم قاضي المحكمة العليا بالإنابة عضواً
محمد يوسف حمدنا الله الطاعن
ضد
الزاكي ميرغني المطعون ضده
م ع / ط م / 54/73
المبادئ
القانون المدني لسنة 1971 – أحكام العقد – الفرق بين العرض الأولي والإيجاب
القانون المدني لسنة 1971 – تبعة هلاك المبيع – المادة 371 (3) – الحكم في حالة تصدير المبيع للمشترى
أرسل المطعون ضده بضاعة من (واو) للطاعن في (التونج) وقبل وصول البضاعة للطاعن استولى عليها المتمردون في رد على مطالبة المطعون ضده بثمن البضاعة ذكر الطاعن أنه لم يتعاقد مع المطعون ضده بل سأل عن ثمن البضاعة وأعلن عن رغبته في شرائها فما كان من المطعون ضده إلا أن قام بإرسالها له
-1-
بما أن الطاعن قد حدد ثمن البضاعة ومكانها ونوعها , وبما أن العرف الساري في التعامل بين الطاعن والمطعون ضده هو إرسال البضائع بسعر السوق ومحاسبة الطاعن عليها فيما بعد , فإن إرادة الطاعن تكون قد انصرفت إلى إنشاء العقد وليس إلى مجرد التفاوض أو تقديم عرض أولي
-2-
إذا اتفق البائع على تصدير المبيع للمشتري فلا يعتبر تسليمه قد تم إلا إذا وصل المبيع فعلاً للمشتري , وذلك ما لم يوجد اتفاق على خلاف ذلك
-3-
استيلاء المتمردين على البضاعة موضوع النزاع يؤدي إلى فسخ البيع قياساً على حالة هلاك المبيع
الحكـــم
9/7/1973
رفع المطعون عليه دعوى مدنية في محكمة واو الجزئية ضد المدعى عليه (الطاعن) محمد يوسف حمدنا الله مطالباً بمبلغ 199100 مليجنيه قيمة أربعة جوال ذرة وعشرين جوال بلح جاو , وعند سماع الدعوى ادعى الطاعن أنه لم يتعاقد مع المطعون عليه (المدعى) وإنما طلب منه فقط أسعار هذه البضائع وأعلن عن رغبته في التعاقد على شراء 40 جوال ذرة فتريتة حريق و20 جوال بلح وأنه أرسل خطاباً بهذا المعنى للمدعي (المطعون عليه) ولكن الأخير بدلاً من إفادته بالأسعار أرسل البضائع والتي استولى عليها المتمردون في الثلث الأول من أبريل 1972 أثناء نقلها بأحد اللواري من واو حيث يوجد مكان عمل المدعي (المطعون ضده) إلى التونج حيث يوجد عمل الطاعن (المدعى عليه) حيث يضيف إلى ذلك أنه لم يتسلم تلك البضائع وبالتالي فهو غير ملزم بثمنها
وبعد استقراء البينات توصلت المحكمة الجزئية إلي أن عقد البيع قد تم بين المدعى (المطعون عليه) والمدعى عليه (الطاعن) وقد أمرت الأخير بدفع أصل الدعوى زائداً الرسوم كما طلب المدعي
استأنف المدعى عليه هذا الحكم أمام المحكمة الكلية دائرة بحر الغزال وقد أيدت المحكمة , ومن ثم تقدم الطاعن بالطعن المعروض الآن مردداً نفس الأسباب والحجج ويدعي أنه غير مسئول عن قيمة هذه البضائع لأنه لم يتسلمها
وللفصل في هذا الطعن نجد أمامنا أمرين أولهما انعقاد البيع وثانيهما مدى مسئولية الطاعن عن دفع الثمن
فيما يتعلق بالسبب الأول فإننا نرى أن المحكمة الجزئية قد أصابت كبد الحقيقة عندما توصلت إلى انعقاد البيع حسب المستندات المعروضة وحسب أقوال الشهود التي يتضح فيها جميعاً أن إرادة الطرفين قد انصرفت لإتمام البيع بتحديد محله من حيث نوع البضائع وتحديد سعرها بما جرى عليه التعامل بين الطرفين من أن المدعي قد أعتاد أن يرسل للمدعى عليه في التونج بضائع بالسعر الجاري للسوق وأن المدعى عليه يسدد قيمتها وقد أوضح بعض الشهود حقيقة هذا التعامل بين المدعي والمدعى عليه كما أنه عرف جاري بين تجار التونج وتجار واو وعليه فإننا في هذه الجزئية نرى رفض الطعن
أما عن النقطة الثانية الخاصة بالتسليم وما يترتب عليه من تحمل تبعة الهلاك فإن المادة 370 (2) من القانون المدني لسنة 1971 تنص على ما يلي
"إذا اتفق على تصدير المبيع للمشتري فلا يتم التسليم إلا إذا وصل المبيع إليه ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك"
ولما كانت الوقائع قد أبرزت أن المشتري يقيم في التونج ويزاول عمله هناك وأن البضائع التي اتفق عليها سيتم شحنها إليه في التونج وبذلك ينطبق عليها وصف التصدير فإن تسليم تلك البضائع لا يتم إلا إذا وصل المبيع إليه
كما اتضح من البينات أن هذه البضائع لم تصل إلى المشتري بسبب استيلاء المتمردين عليها وبالتالي لم يتم تسليمها للمشتري
غير أننا نعود ونتساءل هل يوجد اتفاق خاص يقضي بخلاف القاعدة العامة التي أشرنا إليها ؟
لم يدع المطعون عليه أمام المحكمة الابتدائية ما يشير إلى وجود هذا الاتفاق المعدل للأحكام العامة بتسليم المبيع عند التصدير , كما أن الوثائق المقدمة ليس فيها ما يقطع على وجه معقول أن هناك اتفاقاً بهذا الشأن
وترتيباً على ما سبق فإن تبعة استيلاء المتمردين على تلك البضائع تقع على عاتق البائع وإن هذا يؤدي إلى فسخ البيع قياساً على حالة هلاك المبيع , لأنه في هذه الحالة فإن المبيع لم يهلك بالمعنى الحقيقي وإنما استولى عليه شخص ثالث لا حق له فيه وكنتيجة طبيعية لفسخ العقد فإن من حق المشتري استرداد الثمن إذا دفعه
وبما أن الطاعن (المدعى عليه) في هذه القضية لم يدفع الثمن فإن التزامه بدفع الثمن ينهار مع فسخ العقد
وخلاصة القول فإن طرفا العقد لم يتفقا على خلاف ما تقضي به القاعدة العامة بشأن تسليم المبيع عند التصدير وبما أن المبيع لم يصل إلى المشتري فإن من حق المشتري طلب فسخ البيع , وبما أن طرفا العقد لم يتفقا على طلب الفسخ بالتراضي فإن ما دفع به المدعى الطاعن أمام محكمة الموضوع بعدم تسلمه للبضائع وإعلانه عدم مسئوليته عن ثمنها يعتبر في التكييف القانوني طلباً للفسخ أمام المحكمة
فإننا نتيجة لذلك نرى قبول الطعن والأمر بشطب الدعوى حيث لا يوجد التزام على الطاعن بدفع الثمن مع إلزام المدعي المطعون عليه بالرسوم وأن ترد الكفالة للطاعن