سابقة منشورة بمجلة 1973
سابقة منشورة بمجلة 1973
المحكمة العليا
القضاة
سعادة السيد/ صلاح الدين شبيكة قاضي المحكمة العليا رئيساً
سعادة السيد/ دفع الله الرضي قاضي المحكمة العليا عضواً
سعادة السيد/ فاروق أحمد إبراهيم قاضي المحكمة العليا بالإنابة عضواً
محمود حسن صالح خضرالطاعن
ضد
هاشم صالح خضرالمطعون ضده
م ع / ط م / 476/73
المبادئ
قانون تقييد الإيجارات لسنة 1953- عدم وجود نص بدفع الإيجار في موعد معين- التنازل عن الدفع شهرياً-عرض المتأخرات قبل رفع الدعوى- عدم نص العقد على الجهة التي تستلم الإيجار- المادة 19 (2)
-1-
إذا لم ينص العقد بين الطرفين على دفع الإيجار في موعد معين يتعين دفعه في نهاية كل شهر طبقاً للمادة 19 (2) من قانون الإيجارات لسنة 1953
-2-
الطريق الوحيد لتفادي حكم المادة 19 (2) هو الدفع بان المالك تنازل عن حقه في الدفع شهراً بشهر
-3-
عرض المتأخرات قبل رفع الدعوى يعتبر سبباً كافياً لعدم إخلاء المستأجر
-4-
إذا لم ينص العقد على الجهة التي تستلم الإيجار وكان المالك قاصراً يكون سداد الإيجار للوصي على القاصر بالشروط التي نص عليها أمر المحكمة التي عينت الوصي أو للمحكمة رأساً
المحامون
حسين عثمان ونىعن الطاعن
عبدالرحمن وعبدالرحيم محمد بشيرعن المطعون ضده
الحكم
12/9/1973
يطعن مقدم الطلب بطريق النقض في الحكم الصادر بتاريخ 20/5/1973 من محكمة الخرطوم الكلية (الدائرة الإستئنافية) والذي قضى بشطب الاستئناف المقدم منه
تتحصل وقائع الطعن في أن الطاعن ( وهو قاصر ) أقام دعوى مدنية بواسطة الوصي عليه لإسترداد حيازة العقار المستأجر منه بواسطة المطعون ضده بحجة أن الأخير قد فشل في دفع الإيجار عن الفترة ما بين يونيو1969 ونوفمبر1971 والبالغ قدره 756 جنيهاً
أنكر المطعون ضده وجود أية متأخرات عليه أضاف بأن الإيجار قد تم دفعه في خزينة المحكمة الشرعية حيث أن العمل قد جرى على دفع الأجرة في تاريخ لاحق لإستحقاقها و أن المحكمة الشرعية وهي الجهة المختصة بقبض الإيجار قد أذنت له بإتباع نظام الدفع المشار إليه أعلاه
حددت محكمة أول درجة نقاط النزاع وألقت على عاتق المطعون ضده عبء إثبات الأتي:
-1-
وجود إذن من المحكمة الشرعية يبرر التأخير في سداد الإيجار
-2-
أنه سدد الإيجار المستحق قبل رفع الدعوى
-3-
أن المحكمة الشرعية وليس الوصي على الطاعن هو الجهة المختصة بقبض الإيجار كما ألقت على عاتق الطاعن عبء إثبات واقعة دفع متأخرات الإيجار بعد رفع الدعوى و أن التأخير في الدفع يشكل سبباً للإخلاء
بعد سماع الطرفين حكمت محكمة أول درجة بشطب الدعوى على أساس أن المطعون ضده قد سدد الإيجار المتنازع عليه في خزينة المحكمة الشرعية قبل رفع الدعوى رغم عدم إنتظامه في الدفع بنهاية كل شهر كما قررت المحكمة أن المطعون ضده كان مأذ وناً بسداد الإيجار لتلك المحكمة وذلك بعلم الوصي على القاصر
أيدت المحكمة الكلية الحكم أعلاه ومن ثم تقدم الطاعن بهذا الطاعن بهذا الطلب محتجاً فيه بالأتي:
-1-
أنه لا مجال لتطبيق العرف كما قررت المحكمة الكلية بالنسبة لتاريخ سداد الإيجار حيث أن المادة 19 (2) من قانون تقييد الإيجارات لسنة 1953 تنص على أنه في حالة عدم وجود إتفاق على دفع الإيجار في مواعيد معينة يتعين دفعه في نهاية كل شهر
-2-
لم تحكم المحكمة الكلية بالإخلاء رغم أنه ثبت أمامها أن المطعون ضده قد تأخر في دفع الإيجار عن الفترة المقامة بشأنها الدعوى
-3-
إن المحكمة الكلية قد أخطأت في تقييمها لشهادة شاهد الدفاع الثاني
-4-
أن المحكمة الكلية قد أخطأت في تفسيرها لمحتويات مستند ادعاء(2)
بعد الإطلاع على سائر الأوراق نرى أن المحكمة الكلية قد جانبها التوفيق في قرارها بأن المطعون ضده قد فشل في دفع الإيجار عن الفترة المقامة بشأنها الدعوى حقيقة أنه إذا أخذنا تلك الفترة بمعزل عن فترة الإيجارة السابقة لها فإن الأمر يبدو وكأن المطعون ضده لم يسدد الإيجار كاملاً خلالها إذ أن الإيجار المستحق خلال تلك الفترة يبلغ 756 جنيهاً بينما لا يتجاوز المدفوع 468 جنيهاً ولكن بمراجعة كشف المدفوعات الذي قدمه شاهد الدفاع الثالث (مستند دفاع3) يتضح جلياً إن جملة ما دفعه المطعون ضده حتى 12/9/1971 بلغ 1386 جنيهاً وهو يفوق جملة المبلغ المطلوب منه خلال الفترة منذ بدء الإيجار في 1/1/1966 إلي تاريخ السداد في 12/9/1971
والسؤال الآن هو: هل يبرر تأخير دفع الإيجار خلال فترة محددة بغض النظر عن جملة المدفوعات وقت رفع الدعوى هل يبرر ذلك إخلاء المستأجر من العقار؟ في رأينا فإن المعيار الحقيقي هو موقف المستأجر وقت رفع الدعوى فإذا ثبت أنه قبل رفع الدعوى قام سداد جميع المتأخرات عن الفترة المقامة بشأنها تلك الدعوى أصبح في مأمن من عقوبة الإخلاء ونشير في هذا الصدد إلي حكم القاضي عثمان الطيب في قضية أحمد رمضان ضد دينا كوستا (1967) مجلة الأحكام القضائية ص125
حيث ورد الأتي
“ I think, on the other hand, that section 11 of our ordinance is clear in that court is bound to make an order of possession, when any of the ground therein stated has been established, and in particular, the failure to pay rent lawfully due at the time of institution of the suit… the reasons directly relating to the ground of failure to pay rent were decided to be (1) the tender of all arrears before commencement of proceedings and (2( “
وقد أخذت محكمة الإستئناف فيما بعد مضمون هذه السابقة في قضية رمضان محمد الحسن ضد علي محمد التوم (1968) مجلة الأحكام القضائية ص113 حينما أرست القاعدة القانونية:
“ An offer of arrears of rent made before the case was allowed, would be enough to save the neck of the tenant from the sword of eviction
و أنه لا خلاف في أن المطعون ضده كان يسدد الإيجار بطريقة غير منتظمة ونحن نتفق مع ما ساقه محامي الطاعن من أنه في حالة عدم وجود نص يقضي بدفع الإيجار في موعد معين يتعين دفعه بنهاية كل شهر ومن هذا نستبعد تطبيق نص المادة 479 (1) من القانون المدني لسنة 1971 على وقائع النزاع ولكن عند تطبيق القاعدة المضمنة في المادة 19 (2) من قانون تقييد الإيجارات لسنة 1953 يجب التفرقة بين حالتين وهما حالة دفع الإيجار قبل رفع الدعوى و دفعه فيما بعد فإذا ثبت أن المستأجر قد قام بسداد الإيجار قبل رفع الدعوى وجب تطبيق القاعدة القانونية التي أرستها السابقة القضائية المشار إليها فيما قبل ولا شك أن الوضع يختلف لو أن المالك أقام دعواه قبل سداد متأخرات الإيجار إذ في هذه الحالة لا يحق للمستأجر أن يدفع بعدم وجود نص في عقد الإيجارة بشأن موعد دفع الإيجار إذ أن ذلك يتعارض مع حكم المادة 19 (2) أعلاه و الطريق الوحيدأمام المستأجر لتفادي حكم ذلك النص هو الدفع بأن المالك قد تنازل عن حقه في الدفع شهراً بشهر (أنظر قضية بديعة سليمان حاج حسن ضد محمد برعي المصري (1970) مجلة الأحكام القضائية ص52)
ينعى مقدم الطلب إلي تفسير المحكمة الكلية لما ورد في مستند إدعاء (2) بما يفهم منه أن المحكمة قد أخطأت في تفسيرها له بأن سداد الإيجار للمحكمة الشرعية بدلاً عن الوصي على القاصر يعتبر سداداً صحيحاً (legal tender) غير أن الطاعن لم يوضح لنا وجه الخطأ في ذلك التفسير وبالرجوع إلي عقد الإيجارة يتضح لنا أن الطرفين لم يحددا جهة معينة لتسلم الإيجار وبالتالي فليس هنالك حظر على المحكمة الشرعية لتسلم الإيجار خاصة و أن المالك شخص قاصر بل يؤكد حق المحكمة في قبض الإيحار ما ورد في مستند الإدعاء (2) من أن الوصي على القاصر هو المسئول عن قبض الإيجار "تحت إشراف المحكمة" والتفسير المنطقي لهذا النص هو أن سلطة قبض الإيجار المخولة للوصي سلطة غير مطلقة والتالي لا يجوز له ممارستها دون إشراف المحكمة وفي رأينا فإن هذا الإشراف لا يتحقق إلا بسداد الإيجار إما إلي المحكمة رأساً وهذا ما فعله المطعون ضده أو إلي الوصي الحاضر أمامها
لقد درج المطعون ضده على سداد الإيجار لدى المحكمة الشرعية حسب ما أوضحه مستند دفاع3 كما أن ذلك السداد كان معلوماً لدى الوصي على الطاعن وقد أقر به أمام محكمة أول درجة حينما أفاد بانه طالب المحكمة الشرعية بتسوية الحسابات ومن ثم فإننا لا نرى أي مآخذ على الإسلوب الذي اتبعه المطعون ضده في سداد الإيجار
وحيث ثبت لدينا أن المطعون ضده قد قام بسداد الإيجار عن الفترة المرفوعة بشأنها الدعوى وقبل رفعها فإننا لا نرى ما يبرر إخلاءه من العقار موضوع النزاع وبالتالي نؤيد حكم محكمتي أول وثاني درجة والقاضي بشطب الدعوى
عليه يتعين شطب الطلب مع إلزام الطاعن بالرسوم مصادرة الكفالة